Abstract:
إن منح الأفراد الحق في اللجوء إلى القضاء الدستوري يستند في الأساس إلى مبدأ حرية التقاضي، الذي يعد أهم الحقوق الدستورية الأصيلة، وعماد كل الحقوق، فبدونه يستحيل حماية حقوق وحريات الأفراد، ورد ما قد يقع عليها من اعتداء، لذلك يكفل الدستور الديمقراطي للأفراد حق الالتجاء إلى القضاء، ويتيح لهم كافة السبل المؤدية لممارسة هذا الحق، من خلال جعل اللجوء إلى المحاكم بجميع أنواعها ودرجاتها سهلاً وميسرًا دون مشقة أو تكلفة مالية مرهقة.
وقد نصت معظم الدساتير الحديثة عليه كأحد أهم الضمانات الضرورية لتعزيز مبدأ سيادة القانون وحماية حقوق وحريات الأفراد، ولا يعد نظام الحكم في أي دولة نظامًا ديمقراطيًا إلا بتبني هذا الحق ومنحه لجميع الأفراد الذين يعيشون على إقليم الدولة، واتخاذ كافة الضمانات والتدابير اللازمة التي تضمن تطبيقه، ويصبح لزاماً على الدولة بموجب أحكام الدستـــــــور، أن توفر لكل فردٍ – وطنيًا كان أو أجنبيًا – نفاذًا ميسرًا إلى محاكمها، بل أن مجرد النفاذ إلى القضاء لا يعتبر كافيًا لضمان الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، وإنما يتعين أيضًا أن يكون هذا النفاذ مقرونًا دومًا بإزالة العوائق التي تحول دون تسوية الأوضاع الناشئة عن العدوان عليها، فضلاً عن أن الدستور يقرر حق التقاضي كمبدأ دستوري أصيل مكفول لكل فردٍ وطنيًا أم أجنبيًا باعتباره الوسيلة التي تكفل الحقوق التي يتمتع بها قانوناً ورد العدوان عليها.