Abstract:
مع أَفُول نجم الرقابة السياسية على دستورية القوانين لَمَع نجم الرقابة القضائية بعد ظهور ميزاتها على الصعيد العملي؛ حتى صارت أغلب الدول المعاصرة تعتمد عليها في فحص القوانين، ودأبت دساتيرها على تضمين نصوصٍ تنظمها، وتحدد اختصاصات الجهة المنوط بها عملية الرقابة، ومن ثم لا نتوقع أن يَشُدً الدستور الليبي الجديد بعد التغيير السياسي الذي حدث في ليبيا عام 2011م، وفعلاً لمس الليبيون شيء من هذا القبيل في العديد من الطعون الدستورية، وأعجبني قولٌ منسوبٌ لمحكمتنا العليا في أحد طعونها الدستورية بالقول بأن هدف الرقابة القضائية على دستورية القوانين هي حماية الدستور، وصونه، عن طريق إنهاء قوة نفاذ القانون المخالف له.
والحق إن منح هذا الاختصاص للمحكمة الليبية العليا يتأثر بالأحوال السياسية للبلاد، ففد أعطيت لها لأول مرة بموجب قانونها عام 1953م وفقا لدستور عام 1951م، ثم سحب البساط من تحتها متأثراً بالإعلان الدستوري لعام 1969م ووثيقة عام 1977م، وأعيد إليها الاختصاص بموجب القانون رقم 17 عام 1994م؛ ليأذن بعودة الرقابة على دستورية القوانين في ليبيا، وليكرس بعد ذلك قواعدها الإعلان الدستوري المؤقت لعام 2011م؛ لتنطلق المحكمة الليبية العليا بممارسة الرقابة على دستورية القوانين، وفي حماية الحقوق وصون الحريات العامة للأفراد.
ومن حُسن الطالع ينتظر الشعب الليبي التصويت على مشروع مُسَوَّدة الدستور لعام 2017م، والذي سيعزز من الرقابة على دستورية القوانين في ليبيا، من خلال إنشاء محكمة دستورية مستقلة، تتولى مهمة إبعاد أي تشريع مخالف للدستور.