Abstract:
تضع كل الشرائع القواعد والتدابير التي تسعى إلى حماية النفس البشرية والاعتراف بقدسيتها. وفي حالة الإعتداء عليها تطبق الأحكام الخاصة بمعاقبة المعتدي وجبر ضرر ذوي المجني عليه. وفي جرائم القتل مجهولة الجاني تقرر الشريعة الإسلامية نظام يسمى القسامة يطبق في هذه الحالة. ويعترف فقهاء الشريعة الإسلامية للقسامة بدورين مختلفين، فهي تهدف إلى جبر ضرر ذوي المجني عليه ولكن أيضا قد تكون وسيلة إثبات لمعرفة القاتل. لتطبيق القسامة شروطا متعددة ومفصلة تظهر الثراء الفكري الذي يمكن أن يستوعب أغلب الفرضيات والمستجدات المعاصرة. يجب الإشارة هنا إلى أن القانون الفرنسي عرف تطبيقات مشابهة لما نص عليه فقهاء الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بجبر الضرر، حيث إنه تبنى نظم تتماشى مع منظومته القانونية تشمل التعويض عن كل اعتداء سواء ترتب على هذا الاعتداء الموت أو الضرر، وسواء كان المعتدي مجهولا أم معسرا غير قادر على دفع التعويض لتبني نظام القسامة أسباب ودواعي متعددة، فهي تسعى لجبرا لضرر ذوي المجني عليه، وهي أيضا تكرس لمفهوم التضامن وتعاضد معهم من كل أفراد المجتمع. هذا فضلا على أنه لا يوجد ما يمنع من قبول نظام القسامة في منظومتنا القانونية، لاسيما بوجد نصوص سارية المفعول يمكن تطويرها والاعتماد عليها لتطبيق هذا النظام المستمد من تراثنا الفقهي.