Abstract:
القاعدة العامة في القانون هي أن يكون التعويض عن الأضرار متناسباً مع مقدار الضرر، ولكن استثناءً من هذه القاعدة، نجد أن القانون البحري أوجد مبدأ تحديد المسؤولية، وذلك بسبب طبيعة وظروف النقل البحري، ويقصد بالتحديد القانوني لمسؤولية الناقل البحري الحد الأقصى الذي يقرره القانون عن التعويض الذي يلتزم الناقل البحري للبضائع بدفعه لصاحب الحق.
ويهدف هذا المبدأ إلى الحفاظ على فكرة توزيع مخاطر النقل البحري، ووضعت قواعد وآليات خاصة لأجل تحديد قيمة التعويض، ويفترض إبداء حسن نية الناقل في تنفيذ التزاماته؛ للاستفادة من ميزة التحديد القانوني لقيمة التعويض. ويعـدّ تحديد مسؤولية الناقل البحري صورة من صور إعفائه من المسؤولية، وذلك مراعاة للظروف التي يتلقاها الناقل أثناء عملية النقل البحري، ولحرمانه من إدراج شروط تُـعـفـيه من المسؤولية.
والجدير بالذكر أن الأخذ بنظام تحديد المسؤولية يشجع على استثمار رؤوس الأموال في المجال البحري، وبذلك يحقق للدولة أسطولاً تجارياً واقتصادياً قويًّا، ولقد أخذ المشرع الليبي بمبدأ تحديد المسؤولية، حيث نصّ القانون البحري الليبي على هذا المبدأ في المادة (214).
ونحن نرى ضرورة الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية التي تنظم العلاقات البحرية بصفة عامة، والنقل البحري بصفة خاصة.
وسيتم تناول موضوع التحديد القانوني لمسؤولية الناقل البحري من خلال هذا البحث، وذلك بإتباع المنهج التحليلي والمقارن، وتتركز الدراسة على ثلاثة محاور هي: مبدأ تحديد المسؤولية، وكيفية تحديد المسؤولية، وسقوط الحق في تحديد المسؤولية.