Abstract:
ملخص
تندرج هذه الورقة البحثية ضمن الدراسات النقدية المعاصرة التي تُعنى بتشريح مظاهر الحداثة الغربية في تشكيلاتها السلبية التي تهدد هوية الإنسان العالمي ومصيره المشترك ،إذ عكف المفكر الفرنسي "روجيه غارودي " على دارسة الحضارة الغربية وتشخيص مشكلاتها الراهنة ؛ يؤكد" روجيه غارودي" أن أزمة الحضارة الغربية تكمن في فصل الحياة عن الأخلاق والقيم التي جردت الحضارة الغربية من أبعاده القيمية ؛ وعليه نحن بحاجة لأخلاق كونية لفهم الأنا واحتواء الأخر،ولعل إلغاء الأبعاد الأخلاقية من أبجديات التعامل والخاطب وفعل الممارسة الغربي إزاء الآخر يكشف النزعة العدوانية للغرب في الطغيان وسلب هوية الأخر، ناهيك عن تنامي ظاهرة ارتفاع معدلات التشيؤ و حوسلة الإنسان إلى قيم كمية ثابتة في سياقات حداثية تقدم التقدم التكنولوجي وتبني العلم المنفصلين عن القيمة الفردية والجماعية ؛ ذريعة للتحرر من أوهام السلطة المتعالية، ودليل نحو تأسيس خطاب أحادي المرجعية يلغي الثنائيات المتقابلة بين ثلاثية متداخلة سببيا وغائيا انطولوجيا الوجود الإلهي والجواني والوضعي، ممَّا حتم على الإنسان لاسيما الغربي الدخول في أزمة هوية أخلاقية لما أفرزته إرهاصات عصور النهضة والتنوير والحداثة وصولاً إلى المتتالية المتحققة في إعدام القيم والمقدس، فالهوة بين ما كان سائد في الحضارات القديمة والحضارة الغربية المعاصرة هي فجوة قيمية ومعيارية تحيزت للمادي المطلق، وألغت كل اعتبار للمقدس والثابت إذا أصبحت المعادلة بين ما يجب أن يكون وما هو كائن متعامدة وظيفياً، وأصبح الإنسان يُعرف ببعده الوظيفي الآلي لا الجوهري الغائي وفق مسلمات التفسير الدار ويني الطبيعي والمادي ومزاعم البراغماتية و إرادة "نيتشه" الثورية ضد سلطان القيم ومنطق النصّ؛ فيكف أسس "روجيه غارودي مخرج النجدة للحضارة الغربية من خلال نقذه لمقولاتها الحداثية وآلياتها؟