Abstract:
قد لا تستطيع الشعوب المرتحلة القليلة الاستقرار أن تنتج الأعمال الفكرية والأدبية المسببة التي تستلزم الاستعداد والتحصيل في بيئة مستقرة، لكن هذه الشعوب عرفت الشعر لأنه يلبي حاجة تعيرها السريع المباشر، ولا يرهقها في ذلك لأن الاحتفاظ في الذاكرة أسهل من الاحتفاظ بالإنتاج الفكري والأدبي. وربما كانت سهود ولة الحفظ راجعة إلى الموسيقى والقافية الفنين أعانا على تثبيت النص الشعري في الذهن .
فليس من الإنصاف أن نظن بأن هذه الأشعار القديمة والقديمة جدا كانت مجرد انفعالات عاجلة وخالية من التأمل الفكري والفلسفي والجمالي والفني، وإن كان الغالب على الشعر العاطفة والانفعال والعامل الفاسي أكثر من كونه عطاءا فكريا منسقا، لكنه يقلى فعل السحر بيانه فيه تتحرك الهواجس، ونشم من خلاله
رائحة العقل الباطن، قهر إبداع عظيم تحداه القرآن الكريم في قوة البلاغة وفخامة المعنى وجمال اللفظ و الشعر تولد من الإيقاع والابل لها الفضل الكبير فيه، فخطواتها إيقاع وركضها ايقاع، وسرعتها إيقاع آخر، فامتزج بحر الشعر ببحر الرمال، مبرزا إيقاع العروض، ليظهر نتاج هذا التفاعل - الرجز والبزج والرمل والمتقارب والمتدارك - وأصبحت أعمدة الإبل شامخة يستظل الشاعر البدوي تحت بلياتها.
ويسترجع بيا أواه الفكرية لحاجته إليها، وحجتها إليه، فامتزج الفن بروح العطاء.