Abstract:
إنَّ من أهم علامات التفكرِ الفلسفي الجادِ والأصيلِ ترتبطُ بِكم ونوعِ التساؤلاتِ الَّتي يطرحها، أو تطرح عليه، فالسؤالُ عادةً ما يُعدُّ مُعبراً عن الهويةِ، فما يُميزُ الفلسفة والفيلسوف على السواء قدرتهُ على إثارة السؤال وتجديدهِ، لهذا، كانَ لكل فلسفةٍ سؤالها، ولكل فيلسوفٍ سؤالهُ. لن يكونَ المتفكرُ الليبيُ المُعاصرُ نجيب الحصادي استثناءً لهذه القاعدة، فهو الآخرُ أسوة ببعضِ أقرانهِ من المُتفكرينَ العربِ المُعاصرينَ أنخرطَ في بناءِ سؤالهِ الفلسفي الخاصِ بهِ، حيث مرت عمليةُ البناءِ بعددٍ من المحطاتِ والعقباتِ، دفعت بهِ إلى الارتحال من فلسفةٍ إلى أخرى، ففي بداياته الأولى كان تحث تأثير الخطابِ الوضعي، ولأسبابٍ نسقية ارتحل في مرحلته الثانية إلى تبني المقاربة اللاأدرية والتي اعتقد فيها القدرة على تقديم مقاربة وجيهة للقضايا الفلسفية التي انبرى إلى بحثها، حتى مع عملية الارتحال ظل السؤال الذي واجهه مع المقاربة الوضعية حاضراً مع تبنيه للمُقاربة اللاأدرية وهو السؤال المرتبطُ بالمرجعية التي صدرت عنها المقاربة، الأمر الذي أسبغ على مقاربته الفلسفية السمة الجدلية، وما يرافقها من نقاش وتساؤلات.