Abstract:
عندما غزت القوات العراقية أرض الكويت فجر يوم الثاني من هانيبال 1990 لتحتلها وتطيح بحكومتها الشرعية فإنها فاجأت العالم كله بهذا العمل ولم تكن تلك المفاجأة بسبب انعدام أو لدرة المعلومات حول تحركات الجيش العراقي قبل ذلك الغزو ، فهذه المعلومات كانت متوفرة وبدرجات مختلفة من الدقة لدى أجهزة المخابرات والإستطلاع الإقليمية و العالمية ، وإنما كانت المفاجأة بسبب استحالة توقع قيام العراق بمش هذا العمل و بطلب من الحكومة الكويتية تدخلت أمريكا عسكريا لتحرير الكويت وطرد القوات العراقية منها وكذلك طلبت المملكة العربية السعودية المساعدة في حمايتها من امتداد خطر الغزو الإقليميا. فهذه الأزمة لم تكن هي الأولى بين الطرفين ولكنها بالضرورة كانت الحاسمة لكل أسباب الخلاف والنزاع المستمر بينهما منذ مطلع القرن العشرين، إذا تعود أسباب هذا الخلاف إلى عام 1899 عندما فصلت بريطانيا القضاء الكويت عن ولاية البصرة بموجب وثيقة أو إتفاقية بين مشايخ الكويت وبريطانيا في تلك الفترة و عليهبدأت الخلافات بين الطرفين منذ تلك الفترة، وكانت للمطالبات مستمرة من جانب العراق بضم الكويت . كما أن الحجج العراقية التي تدور حول الكويت والتي تقول بأن الكويت جزء من العراق ليست وليدة هذه الحقبة من تاريخها أو تاريخ الخليج ، و إنما لها جذورها الطويلة يمكننا تتبع وقائعها الواضحة حتى قبل النشأة عندما كانت العناصر والعوامل المختلفة التي شكلت دولة الكويت الحديثة لاتزال تتبلور وتتراكموتتجمعومنذ أن تولى الى الصباح مشيخة الكويت في عام 1752م بدأ صراع بين الدول الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا والمانيا للسيطرة على الكويت من جهة ومن جهة ثانية بدأ صراع آخر بين ولاية البصرة التابعة للحكم العثماني وقضاء الكويت التابع لهذه الولاية في ذلك الوقت. وكان هذا التطور أرخصا" يكشف عما تمثله الكويت من بديل ومنافس تجاري قوي للبصرة خاصة عندما تحولت تجارة الهاد و البصرة إليها بعد سيطرة كريم خان شاه فارس - إيران على البصرة عام 1775م والتغلب على باشا بغداد العثماني في الحرب فني إندلعت بينهما، وقد جعلت منهما شركة الهند الشرقية البريطانية الطرف الجنوبي لطريق بريدها الصحراوي المتجه إلى حلب .ونتيجة للمطامع الروسية والأثمانية في الخليج بصفة عامة وفي الكويت بصفة خاصة ومحاولاتهما من خط سكة حديد يربطهما بالكويت على الخليج العربي نظرا لأهميتها الكبيرة من الناحية التجارية وذلك فيأواخر القرن التاسع عشر أخذت بريطانيا تمارس سياسة أكثر إيجابية إزاء الكويت ، وكانت الظروف مهيأة