Abstract:
ان الشورى أحد المبادئ وقيم الخير التي جاء بها الإسلام و أمر بها الله تعالى وأكدها ودعا اليها في محكم كتابه الكريم وأمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال تعالى: والذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأمْرَهُمْ شُورَى بَينَهُمْ وَمِمَّارَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (سورة الشورى الآية (48) وقال تعالى مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَيُوكُنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرَهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إن اللهَ يُحِبُّ المتوكلين)، (سورة آل عمران الآية 159) فيذه دعوة رب العباد للعباد خاطب بها نبيه صلى الله عليه وسلم فحواها رحمة ولينا ومغفرة و شورى ، والتراث الإسلامي يزخر بالكثير من المواقف التي تؤكد الشورى من خلال استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم لأمر الله تعالى بممارسة الشورى، فكانت مواقفه صلى الله عليه وسلم دليلاً على أن الشورى أسلوب للحياة بكل تشعباتها وتفصيلاتها المختلفة ، وسار الخلفاء الراشدون على هذا النهج متبعين سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في تأكيد الشورى والعمل
بها في إدارة شئون الدولة الإسلامية.
فماذا
صنع المسلمون في عالمهم المعاصر وهم يعيشون ويشهدون بروز نظريات سياسية مختلفة في إدارة السلطة والحكم ؟! إن العالم المعاصر يشهد تطوراً في مجال النظرية السياسية ، وتعتبر نظرية الديمقراطية القائمة على النيابة أهم نموذج لهذا التطور ، وأضحى هذا النمط من الحكم سائداً في العالم ووسيلة من الوسائل لإدارة السلطة ، ومعياراً ومقياساً تقيم من خلاله الكثير من النظم السياسية في العالم وخصوصاً النظم السياسية الإسلامية ، وتصنف على هذا الأساس إلى نظم ديكتاتورية ونظم أخرى غير دكتاتورية ونظم ديمقراطية وأخرى غير ديمقراطية ، وظهرت الدعوة الغربية للإصلاح السياسي في النظم السياسية الإسلامية بعد أن ساد هذا النمط ، وقد لجأت كثير من النظم السياسية في العالم ومن بينها النظم السياسية الإسلامية المعاصرة إلى تبنى هذا الأسلوب، مع أن هناك ثمة إختلافات وخصوصيات بين البيئات المجتمعية في العالم من حيث الدين واللغة والعادات والتقاليد ، ولاسيما تلك الخصوصيات المتعلقة بالبيئة الإسلامية فالبيئة الإسلامية تمتلك حدوداً تميزها عن غيرها من البيئات الأخرى وجدت النظم السياسية الإسلامية نفسها بين بيدين بين الشورى كقيمة من قيم الإسلام التي لمربها الله تعالى وأكدها رسوله صلى الله عليه وسلم بالقول والعمل، وبين تطبيق الديمقراطية على النمط الغربي باجابينها وسلبياتها ونجاحاتها وإخفاقاتها ، فكيف بهذه النظم السياسية التي تدين بالإسلام أن تبتعد عن تطبيق الشورى التي أمر بها الله تعالى رسوله صلى الله عليه
لذلك
وسلم ، وتلجأ إلى تطبيق الديمقراطية على النمط الغربي القائم على التمثيل والنيابة ؟!.