Abstract:
تعيش الإنسانية تحت ظلال ثورة جديدة هي ثورة المعلومات، هذه الثورة
مادتها الخام هي البيانات والمعلومات والمعارف والذكاء ، ووسائل إنتاجها هي تكنولوجيا الكمبيوتر وتكنولوجيا التحكم الأتوماتيكي والبرمجيات . وقد أحدثت طلائع هذه الثورة أصدءاً واسعة في حياة المجتمعات الإنسانية خلال اللعقد الأخير من القرن العشرين فظهر عن المستوى السياسي مفهوم النظام العالمي الجديد، وظهر على المستوى الاقتصادي والثقافي مفاهيم مثل العولمة وما بعد الحداثة ، ونتيجة الطفرة الكبرى في مجال الاتصالات ظهرت نظرية أيديولوجيا الاتصال ، وظهرت القنوات الفضائية التلفزيونية وشبكات المعلومات المحلية والإقليمية والدولية تتمثل القمة الأكثر بروزاً على سطح خريطة الحياة الإنسانية ، وأصبحت تمثل سبباً فاعلاً ونتيجة مباشرة للظواهر السياسية والثقافية
والاجتماعية .
وبدت
الثقافة وهي تحتل مكان الصدارة مع بداية هذا العصر ، ونجدها تتحول من عامل مساعد في الحوار والتلاقي والمواجهة بين الشعوب إلى سلاح استراتيجي حاسم في ظل العولمة ، وفي رحاب المجتمع الصناعي واقتصاد السوق تبدل محتوى الأشياء لاسيما الحضارة والثقافة والسياسة والاقتصاد ، وتحولت التكنولوجيا، إلى نوع من الايديولوجيا ، وتغيرت وسائل التخاطب والتواصل والرموز والإشارات، الأمر الذي يدفع إلى القول : إن المجال الثقافي أصبح أكثر شمولاً ، فتخطى الأطر الضيقة ولجأ إليه الناس برغبة منهم أو عدمها ، وحصل اختلاف معرفي في تحديد الثقافة ، فبعد أن كان المكان الذي تلتقي فيه الجماعات التي تتفاعل وتتأثر بالأعمال الحضارية على أنواعها ، أصبح مفهوم هذا المكان مبهماً بتأثير من الزمن الحديث الذي شاء أن يحصل هذا التقدم الهائل مع دخول التقنيات الحديثة التي أصبحت في تناول جميع الناس ، تؤثر فيهم وتتحكم
باتجاهاتهم وتحدد سلوكهم في أطار التنمية الشاملة التي تتبناها العولمة