Abstract:
اعتمد أداء الاقتصاد الليبي على استخراج النفط وتصديره لسنوات طويلة، حيث تعد الإيرادات النفطية عماد الموازنة العامة، وركيزة الصادرات، ومحرك النشاط والنمو الاقتصادي. فعندما ترتفع أسعار النفط العالمية تزداد الإيرادات والنفقات الحكومية، وترتفع حصيلة الصادرات السلعية وينتعش الاقتصاد بقطاعيه العام والخاص، ويحدث العكس تماماً عندما تتدهور الأسعار العالمية للنفط ويتقلص الطلب منه. ومما لاشك فيه أن الاعتماد على إيرادات النفط كمورد اقتصادي ناضب تكتنفه مخاطر جمة، في دولة لا تعتمد فيها إيرادات الدولة على الضرائب، ولا تتوافر لقطاع الزراعة مقومات الاستدامة، ولا تعتمد الصناعة فيها على العمالة الوطنية. بما أن النفط يتصف بكونه مورد طبيعي ناضب، بالتالي فلا بد من الاعتماد على مصادر اقتصادية بديلة غير ناضبة لتحقيق التنمية المستدامة، وبما أن المختصون في علم الاقتصاد يتفقون على أن الانسان هو محرك عملية التنمية وهو الذي يطور مستوى استخدام الموارد المادية، من هنا يحتل موضوع تكوين رأس المال البشري أهمية خاصة في ظروف التنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتباره يمثل حجر الأساس في كل تنمية أو تطور لكونه المسيطر على رأس المال المادي الذي يشكل العنصر الثاني من عناصر التنمية ذلك أن الانسان لا بد أن يجعل نتاجاته وانجازاته المادية والفكرية متأثرة به.
مما سبق تتضح أهمية قطاع التعليم في تكوين الإنسان المنتج ودور هذا القطاع في تحديد حجم ونوع المتطلبات البشرية المؤهلة والقادرة على استيعاب ضرورة التنمية والاضطلاع بمهامها مما يجعل النظام التعليمي عاملاً حيوياً لتطور المجتمع. يعد قياس العائد للاستثمار في التعليم محور النظرة الاقتصادية للقطاع التعليمي. وتساعد دراسة جدوى الاستثمار في التعليم بكافة مستوياته على المستوى الفردي والاجتماعي على ترشيد القرارات الاقتصادية والتربوية في المجتمعات، بالنسبة للاقتصاد الليبي تكمن أهمية قياس العائد على الاستثمار في التعليم للاسترشاد في توزيع الموارد الاقتصادية بين الاستثمارات في رأس المال المادي والاستثمارات في رأس المال البشري وفق معايير اقتصادية سليمة تعود بالنفع على العملية التنموية. ولأن آلية النمو الاقتصادي في الاقتصادات التي تعتمد على عائدات النفط تتصف بالخصوصية، إذ يلعب النفط وإيراداته دوراً محورياً في تحديد معدلات النمو وتأثيرها فيها. وبالنظر لما توفره تلك الإيرادات من مصادر التمويل والإنفاق في هذه الاقتصادات، فإنها تعد محركاً لنمو الاقتصاد