Abstract:
إن حركة التفاعل التي يشهدها النظام الدولي تتضمن مظهرين من مظاهر السلوك
الدولي ، الأول يتمثل في سمة التعاون الذي تحتمه الحاجة ومقتضيات الاعتماد المتبادل والثاني يتجلى في النزعة الصراعية التي تفرضها أهداف السياسة الخارجية ، إن كل فاعل دولي يسعى في كل الأحوال إلي الحصول على أكبر قدر ممكن من القيم المتاحة أمامه في معترك السياسة الدولية ، ذلك أن السياسة الدولية في جوهرها هي صراع من أجل المصالح والقيم وكسب النفوذ العالمي ، والمتتبع لحركة التفاعل الدولي يجد أن السياسة الخارجية لكل دولة تتجلى في حماية أمنها واستقلالها وتحقيق مصالحها الوطنية ومحاولة ممارسة التأثير في البيئة الدولية الأمر الذي يترتب عليه نتائج تتمثل في مظاهر التغير التي يشهدها النظام الدولي
خاصة فيما يتعلق بمراكز أو منزلة القوة.
(1)
إن السياسة الخارجية للدول تتحدد بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية ويعتبر النظام الدولي والمتغيرات الطارئة المتجددة عليه من أهم العوامل الخارجية المؤثرة في السلوك الخارجي للدول . ويشكل العامل الخارجي عاملاً هاماً من عوامل التأثير في سلوك الدولة في النظام الإقليمي لمجموعة الدول ، ومن ذلك قيام دول كبرى بالدعم المستمر لدولــة مــا أو مجموعة دول اقتصادياً وعسكرياً ، وإعدادها لتولى دور أكثر نشاطاً في داخل النظام (2) حيث
يتأثر السلوك الخارجي للدولة في لحظة معينة بسلوك الوحدات الدولية الأخرى تجاهها .
إن السياسة الخارجية لأي دولة تنطلق من واقع معين في النظام العالمي من ناحية ، وإدراك صانع القرار لهذا الواقع من ناحية أخرى ، وكلما اقترب إدراكه لهذا الواقع بكل تشابكاته وتعقيداته بالواقع الموضوعي القائم ، جاءت سياسته الخارجية أكثر توافقاً وسعى إلى استغلاله بشكل إيجابي لتحقيق مصالحه المحددة في المنطلقات الأساسية أو الثوابت المحددة دون أزمات كبيرة أو خسائر فادحة ، ومن هنا فإن الإطار الدولي أو البيئة الدولية تفرض حدوداً أعلى أو أدنى لمجال حركة الدول ، وهى حدود تتسع وتتقلص وموقــــع الدولـــة علـــى