Abstract:
الحمد لله خلق الإنسان وعلمه البيان، وهداه إلى أقوم سبيل للبحث ويسر له أسباب الفكر والنظر في ملكوت السموات والأرض، وصولاً إلى المعرفة وإصابة كبد الحقيقة، وصلاة وسلاماً دائمين على خاتم رسله ومصطفاه محمد ، وبعد...
من المعروف إن لكل مجتمع أهدافاً سياسية واقتصادية واجتماعية معينة يحاول قدر استطاعته بلوغها وتحقيقها، وهي أهداف عادة ما يتولد المشرع نفسه تحديدها في شكل سياسة عامة أو خطط اقتصادية واجتماعية أو تشريعات وضعية، وبما أن تحقيق الأهداف يتطلب قدراً من الدراية والخيرة والتخصص، كان لابد من إنشاء أجهزة إدارية متخصصة، وتزويدها بجملة من الوسائل البشرية والمادية والقانونية، بما يمكنها من أداء دورها على الوجه المطلوب، ولهذه الاعتبارات يأتي التنظيم الإداري، كأثر مباشر وانعكاس طبيعي للأوضاع السياسية والاقتصادية لأي دولة من الدول، ومن هنا فإن الإدارة العامة ليست خياراً متروكاً لتقدير المجتمع بقدر ما هي ضرورة حتمية بدونها لا يمكن بلوغ الأهداف المنشودة، وباعتبار أن الإدارة هي العمود الفقري للدولة، لأنها أداتها الوحيدة لتنفيذ سياستها وتحقيق أهدافها، لذلك تجد أنها تتفاعل مع الظروف السائدة في الدولة وتؤثر فيها وتتأثر بها، فالإدارة ليست غاية في حد ذاتها إنما . حد ذاتها إنما هي وسيلة لتحقيق هدف معين، ألا وهو المصلحة العامة.
إن السلطة التنفيذية في الدولة هي التي تتطلع بالوظيفة الإدارية، غير إن هذه السلطة قد تقوم بهذه الوظيفة وحدها، وعندئذ تكون قد أخذت بالنظام المركزي، أو أن تتولاها بالاشتراك مع هيئات مستقلة إقليمية أو مرفقية طبقاً لنظام اللامركزي، وعليه فإن المركزية الإدارية واللامركزية الإدارية هما أسلوبان للتنظيم الإدارة في الدولة، واختيار الدولة لأحد هذين الأسلوبين أو كلاهما معاينيع من أوضاعها الخاصة بها في وقت معين، كما أن لكل من الأسلوبين صوره ونطاقه الذي قد يضيق أو يتسع حسب ظروف الدولة.