Abstract:
الحمد لله، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين محمد، وعلى أصحابه أجمعين
وبعد:
فقد تضافرت جهود المجتمع الدولي في سبيل إقامة قضاء دولي لمحاكمة الأفراد ومعاقبتهم عن الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان من قتل وتعذيب وإبادة جماعية لا سيما بعد الحربين العالميتين، الأولى والثانية، إذ كان لهما الدور الأكبر في فكرة إرساء قواعد القانون الدولي الجنائي، وإنشاء محكمة تحول دون إفلات المجرمين في كل من ألمانيا واليابان، فتم إنشاء محكمتي " نورمبرغ وطوكيو" في سنتي 1945 – 1946 ، حيث تعتبر هاتان المحكمتان نقطة البداية في التفكير جديا لإنشاء نظام قضاء جنائي دولي برغم ما أثير حولهما من انتقادات يتمثل في كونهما محاكم لم تنشأ بموجب معاهدة دولية ، بل استنادًا إلى قرارات صادرة عن القائد الأعلى لقوات الحلفاء في الشرق الأقصى، هذا فيما يتعلق بمحكمة طوكيو، كما استمدت محكمة نورمبرغ اختصاصاتها من اتفاقية أبرمت بين المنتصرين والمنهزمين، وبالتالي طبقت عدالة المنتصر على المنكسر تحقيقا لعدالة سياسية مبنية على
الانتقام (1) .
بالرغم من هذا تبقى هاتان المحكمتان من السوابق التاريخية التي لها أهمية كبرى في مجال تدعيم فكرة قضاء جنائي يتميز بالدولية والجدية لمعاقبة مرتكبي الجرائم الأشد خطورة، وهذا ما كان واضحًا في الاتفاقيات المبرمة في ذلك الوقت كاتفاقية منع وقوع جريمة الإبادة الجماعية المؤرخة 9 ديسمبر 1948، واتفاقية منع التمييز العنصري، والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 1969، وغيرهما من الاتفاقيات الدولية.