Abstract:
كثيراً ما تتوافق قرائح الشعراء والكتاب في تناول المعاني ، و تتوارد عقولهم حول فكرة واحدة، وتتعاور أحاسيسهم صورا لمست حنايا وجدانهم : ، فتجد التوافق في كثير الألفاظ . وفي الوزن والقافية وحرف الروي إذا كان الكلام من الشعر ، وقد شغل نقادنا القدامى بهذه القضية و أفردوا له من صفحات في مؤلفاتهم تحت باب " الأخذ والسرقة "، ورأوا أن مسألة المعاني وانتقالها ، وتطورها، والزيادة عليها ليس فيه أثر للمأخذ الذي أخذت منه ، مادام ألبس ثوباً جديداً ، واكتسب صياغة جديدة ، وأما أخذ شعر الغير لفظاً ومعنى ، دون تبديل أو تغيير، ودون أن يكون للشاعر أثر جديد في تناول المعنى ، فهو ما يدخل في دائرة الأخذ والسرقة .
ومن هنا جاءت فكرة هذا البحث بالتطبيق على المعاني المتداولة بين الشعراء من خلال فن التشبيه، ومعروف أن دراسة الشعر سبيل إلى معرفة إعجاز القرآن الكريم يقول الشيخ عبد القاهر" أن الحجة قامت بالقرآن من جهة كونه بالغاً في البلاغة مبلغاً تعجز عنه قوى البشر، ولا يمكن أن نعرف هذا إلا إذا عرفنا الشعر وميزناه وأحكمنا فهمه ونقده، وعرفنا الأمر الذى به يفضل بعضه بعضاً، والأمر الذي به يفضل القرآن كل شعر وكل كلام ومما لا شك أن الدراسة التي تجعل أبنية الشعر أساساً لها، ثم تهتدي بكلام العلماء في تصنيفها، وتوصيفها دراسة جليلة، لأنها تمد الدراسة البلاغية بصيغ جديدة، فتغزر المادة البلاغية، وتتنوع وتكون أقدر على استيعاب ما في النصوص من عناصر ذات تأثير
أما عن اختيار التشبيه، فلأنني وجدت أكثر المعاني المتداولة بين الشعراء، تجري في هذا الفن، فضلا عن أن التشبيه من المجالات التي يتبارى فيها الشعراء لإظهار قدرتهم، وبراعتهم وتفوقهم على غيرهم، كما أنه أحد الوسائل التي تستخدم في الإبانة، والكشف عن مكنون النفس، وما يدور بداخلها .