Abstract:
شاع في النصف الثاني من القرن العشرين وبشكل ملفت للنظر استخدام مصطلح الجيوبولتكس بين مراكز البحوث والجامعات، وفي الصحافة ودوائر وزارات الخارجية للدول. وكتبت فيه العديد من الرسائل الجامعية تحاول إبراز أهم جوانبه التطبيقية، لذا زاد عدد المهتمين بهذا الحقل المعرفي الجذاب اسماً ومضموناً. ولكن للأسف فإن معظم ما كتب عن الجيوبولتكس في الوطن العربي وخاصة في الجامعات كان أشبه بالضياع والتخبط. إذ لم يستخدم المصطلح فيها لا من حيث المفهوم ولا من حيث التطبيق ، وكانت بعيدة عن مضمون الربط الجغرافي السياسي العميق للوصول إلى فهم الحقيقة والاستنتاج. ذلك لأن معظم ما كتب عن الجيوبولتكس أوجدها باحثون غير متخصصين بهذا العلم، أي لا يفقهون مصطلحات هذا العلم ولا دلالاته المعرفية، فلا يزال الكثير منهم لا يدركون الفرق في التحليل والربط ما بين الجغرافية السياسية و الجيوبولتكس ومعالجة كل منهما للأحداث .
من المنطلق السابق كان من المفيد تحديد الخطوط العريضة لخصائص المكان السياسي لليبيا من الناحية الطبيعية وارتباطات المتغيرات البشرية بها لرسم عناصر القوة الجيوبوليتيكية للدولة الليبية، لكي نستطيع في النهاية أن نحدد الضوابط الرئيسة التي تحدد المصير السياسي وشكل الكيان السياسي لليبيا .
فالدولة الليبية ظاهرة سياسية واقتصادية واجتماعية بارزة اليوم في عالمنا المعاصر ذات أبعاد مكانية متعددة ومتباينة داخلياً وخارجياً, شكلت الجسم السياسي للدولة، وخلقت شخصية لأقاليمها المختلفة، فدولة ليبيا يجب وضعها في إطارها الطبيعي الذي تختص به الجغرافيا السياسية، إذ العودة إلى أصولها الجغرافية السياسية يحقق أساسها ويرصد الثوابت والمتغيرات التي تنظم . علاقاتها ويحدد نقاط القوة والضعف الكامنة في كيانها السياسي ومواطن الخطر أو الخطأ في هيكلها الجيوبوليتيكي.