الآراء النحوية والصرفية لناظر الجيش دراسة تأصيلية نقدية

Abstract

ارتبط علم النّحو والصرف ارتباطا وثيقا ببعض فكل واحد منهما يُكمل الآخر ، فلا ينفكا بعضه عن بع ض ، فالعلاقة الوطيدة التي اشتركا فيها جعلتهما متلازمين ، فهُمَا يُعدّانِ من العلوم الجليلة ، الَّتِي يرتقي صاحبها بها ، فتُغذي عقله ، وفكره ، وسلامة لسانه ، كذلك بهما انكشفت مواطن اللحن وعلة الكلمة ، ودارسها يعتمد عليهما في كل فن من فنوُن الكلامِ ، ولأنَّ صلتهما متينة بالقرآن الكريم وعلومه انكبَّ عليهما العلماء من كلِّ جانب ، ولاَ شَكَّ أَنَّ كتاب سيبويه كان له دور فعَّال حتى عكف على دراسته العلماء وطلبة العلمِ ، فهو أشهر الكتب النحويَّة سعةً ومكانةً ؛ لذا أطلقُوا عليه )قرآن النَّحو ( حيثُ قال الجُرْمي فيه : " أَنَا مُذْ ثَلاثُونَ أُفتِي النَّاسَ فِي الفقهِ مِنْ كِتَابِ سيبويهٍ "، وقَد قال المبرد فيه واصفا إيَّاه )هَلْ ركبَتْ البحر( ويقصد كتاب سيبويه تعظيما له واستصعابا لما فيه 1، وكان المازني يقول: ) مَنْ أرادَ أَنْ يعملَ كِتابا كبيراً في النَّحوِ بَعْدَ كتابِ سيبويهٍ فَليَستحِ ( . وكان من أبرز العلماء الذين تفقوه فيه الشيخ العلامَّة جمال الدين مُحمَّد بن عبد الله بن مالك صاحب الألفية الشهيرة المسماة )الخلاصة في النَّحوِ( الَّتِي استلطفها طلاب العلمِ وعلماء عصره، بالإضافة إلى كتابه الآخر الذي لا يقلُّ أهميةً حيثُ برز بدقته وعقليته الفذة الموسوم ب)تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد( قد شرح تسهيله من كثرة دقته والوقوف على المسائل الَّتِي رُبَّما غفل عنها بالتحليل ، فقد أقبل على شرحه العديد من العلماءِ الأجلاء منها : شرح أبي حيّان المسمى )التذييل والتكميل( ، وشرح ابن عقيل المسمى ب )المساعد على تسهيل الفوائد( ، وشرح ناظر الجيش المسمى ب ) تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد ( الذي هو موضع دراستي فهو كتابٌ ثمين في آرائه حيثُ نقل عَنْ العلماء نقولاً كثيرة متعرضا لها بالشرحِ والتحليلِ ، كما وقف كثيرًا على آراءِ أبي حيّان الَّتِي تنصبُّ كلها في معارضة ابن مالك بأسلوب شديد اللهجة ، فجاء ناظر الجيش مدافعًا عن ابن مالك مُعجبا بعقليته الفذة ، مادحا إيَّاه في عدة مواضع .