Abstract:
من الطبيعي أن تؤثر اهتمامات الباحث وانتماءاته في اختيار موضوعات أبحاثه و دراساته خاصة في مجال العلوم الإنسانية والدراسات التاريخية، وذلك دون إخلال بشرط الموضوعية كأحد الشروط اللازمة للدراسة العلمية.
وقد دفعني انتمائي القومي العربي إلى دراسة أحد الجوانب المهمة في تاريخنـــا القديم بحثاً عن الأصول والجذور، وهذا الجانب المهم هو تلك الأطماع الخارجية في شبه جزيرة العرب في الزمن القديم وبالتحديد خلال الفترة من القرن الثامن إلى القرن الأول
قبل الميلاد.
وسوف تتبين من خلال هذه الدراسة مدى إتساع هذه الأطماع حيث تكالبت علي جزيرة العرب في الزمن القديم أطماع أشورية وكلدانية وفارسية. ثم إغريقية بطلمية ومكابية ورومائية، ثم أطماع حبشية تحركها عوامل جاذبة اختصت بها هذه المنطقة الوسطى من العالم, ولكن هذه الأطماع فشلت جميعاً في تحقيق أهدافها مما حفظ لجزيرة العرب شخصيتها القومية وسماتها الحضارية والثقافية، وسوف نتبين أيضا من خلال هذه الدراسة وبوضوح الوجه الأبيض للحضارة العربية بعدما أصابها من حملات التزييف والتشويه من جانب كثير من المستشرقين سواء بقصد أو بغير قصد. ونلحظ أن الحياة السياسية في شبه جزيرة العرب قبل الميلاد كانت تتسم بوجه عام بالتنوع والنضج، حيث عرف العرب أنماطاً مختلفة من الحكم من أهمها النظام الملكي والنظام القبلي وحكومات المدن.