سعيد, أ. موسى خليل
(إنَّ الموضوعات التي تتناول دراسة العلاقة بين المناخ وشعور الإنسان بالراحة أو الانزعاج لها أهمية كبيرة في الدراسات المناخية التطبيقية، وذلك لأنَّ الإنسان هو محور اهتمام الدراسات الجغرافية1، وأيضًا باعتبار المناخ من أكثر العناصر الطبيعية تأثيرًا على راحة وصحة الإنسان وقدرته على العمل؛ إذ تشير الدراسات إلى أنَّ المناطق التي لا تتغير فيها درجات الحرارة تغيرات حادة تجعل الإنسان في كسل وخمول2. إنَّ شعور الإنسان بالراحة قائمٌ على أساس المحافظة على درجة حرارة الجسم في حدود التوازن الذي يحققه بين الحرارة المفقودة والحرارة المكتسبة، حيث أنَّ أي اختلاف في العناصر المناخية مكانيًا وزمنيًا يتبعه تأثير في راحة الإنسان ونشاطه وصحته؛ ممَّا يستلزم وضع الاحتياطات اللازمة من أجل الوصول إلى مستوى راحة مثلى3. حيث تتعدد العوامل المناخية المؤثرة على إحساس الإنسان بالراحة والضيق، وخاصة عنصري الحرارة والرطوبة النسبية؛ فمعظم البشر يدركون الشعور المتغير الذي يصيبهم في مختلف الأيام بسبب ظروف الطقس، إلاَّ إنَّ هذا الشعور يختلف من فرد لآخر، فبينما نجد عدد من الناس يشعرون بالراحة في بعض الأيام نجد البعض الآخر يشعر بالضيق والخمول ، وذلك تبعًا لعدد من العوامل منها ما هو متعلق بالإنسان ذاته، كالعمر، والجنس، والحالة الصحية، ونوع النشاط الممارس، ومنها ما هو متعلق بالظروف الجوية والمناخية، ناهيك عن دور الملابس وغيرها من العوامل الأخرى. إن هذا الاختلاف في العناصر المناخية زمنيًا وما يتبعه من تغيُّر في شعور الإنسان ناتج بسبب التغير في حالة الطقس والمناخ، إذ يُعّرف الطقس بأنه: متوسط حالة الجو من حيث: درجة الحرارة، والتساقط، والرطوبة النسبية، والرياح، والضغط الجوي، وعلى منطقة معينة من سطح الارض ولفترة زمنية قصيرة قد تكون يوم أو يومين، أما المناخ فهو متوسط حالة الجو من حيث: درجة الحرارة، والتساقط، والرطوبة النسبية، والرياح، والضغط الجوي، وعلى منطقة معينة من سطح الأرض ولفترة زمنية طويلة، أو هو متوسط حالة الطقس لفترة طويلة. مع ذلك حاول بعض العلماء توضيح مفهوم الراحة المناخية أو الراحة الحرارية، ومن أهم هذه التعريفات: هي شعور الناس بالجو في ظل الظروف الجوية السائدة خارج المكاتب والمنازل، وشعورهم وهم يعملون في مكاتبهم مع عدم استخدامهم أي نوع من أنواع التكييف أو التدفئة4، ويُعَرِّفُها البعض بأنها تلك الأجواء التي تثير لدى الإنسان مشاعر الارتياح النفسي، وتلبي تصورات مشاعره كاملة بنوع أو بآخر5، كما عرفها الديري: بأنها قيام الجسم البشري بتأدية فعالياته الطبيعية في ظروف جوية تتلاءم مع هذه الفعاليات دون تأثير ضار به6. فيما يُقْصَدُ بالمناخ الغير مريح بأنَّه: ذلك النوع من المناخ الذي يشعر فيه الإنسان بالإرهاق والانزعاج، الناجمين من ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة والرطوبة الجوية؛ ممَّا يستدعي استخدام وسائل التبريد أو التدفئة7،كما عَرَّفَهُ الشلش بأنَّه: المناخ الذي يشعر فيه الإنسان بالتعب والإرهاق والانزعاج؛ نتيجة لارتفاع درجات الحرارة المصحوبة بالرطوبة العالية، أو البرودة الشديدة المصحوبة بالرياح السريعة 8؛ إذ تتسم الظروف المناخية في ليبيا بالتباين من مكان لآخر ومن فصل إلى آخر، بل حتى ضمن الفصل الواحد؛ ممَّا يجعل منه مناخًا متميزاً بالتذبذب، ونتيجة لذلك فإنَّ شعور الإنسان بالراحة المثالية يتباين وفقًا لتباين الظروف المناخية، والتي هي الأساس في شعور الإنسان بالراحة أو الانزعاج. وباعتبار مصراته من ضمن المناطق التي تقع في شمال غرب ليبيا؛ فإنَّ هذا البحث سوف يتناول دراسة في المناخ التطبيقي بها؛ من أجل توضيح العلاقة بين المناخ وراحة الإنسان في مصراته، وتحديد الأشهر المريحة والغير مريحة من خلال هذه العلاقة، والتي تفيد جميع العاملين في مختلف المجالات التنموية، وذلك بتطبيق بعض الأدوات والمعايير لقياس الراحة المناخية، والتي منها ما يقيس الراحة المناخية داخل المباني ، وهي قرينة أوليفر وقرينة جريجورسك، ومنها ما يقيس الراحة المناخية خارج المباني ولكن مع الوجود في الظل او في فترة الليل، وهي قرينة تبريد الرياح، وهذه القرائن هي التي سوف يُعْتَمَدُ عليها في هذا البحث., 2020-03-01)
إنَّ الموضوعات التي تتناول دراسة العلاقة بين المناخ وشعور الإنسان بالراحة أو الانزعاج لها أهمية كبيرة في الدراسات المناخية التطبيقية، وذلك لأنَّ الإنسان هو محور اهتمام الدراسات الجغرافية1، وأيضًا باعتبار المناخ من أكثر ...